لا يمكن الحديث عن الوعي التاريخي الذي يعني بذل جهد عقلي من أجل استشراف معالم المستقبل استعانة بمعالم الماضي عبرا و أحداثا ، دون الحديث عن الزمان ، ليس كمعطى ميثافيزيقي مجرد ، فذلك ليس من شأن هذه الأطروحة ، بل الزمان في تاريخه ، حيث يصبر مجالا ضابطا لحركة تغييرية بشرية واعية ، أو الزمان و هو يتحدد بما يمتلئ به من حركة هادفة واعية ، مؤثرة في حياة الإنسان . ذلك أن كل المخلوقات تعيش الزمان ، و تعيش فيه ، و تتغير خلاله ، و يحاصرها بولادة و موت لكن دون أن تعيه ، و دون أن تجد نفسها مضطرة تحت إلحاح عامل نفسي عميق غريب ، إلى مسابقته ، أو مسايرته ، أو التاخر عنه ، و النكوص إلى ماضيه ، كما يتم ذلك للإنسان ، طبعا على المستوى الشعوري ، من خلال حالات و سلوكات يعتقد إذا انخراط فيها انه قد عاد إلى ماضيه - مثلا - أو استعاده ، أو قفز إلى مستقبله ، أو تمكن من حاضره ، فما يمضي إلا كما يشاء له أن يمضي ! و هذا هو الشعور الذي انتاب " أبانواس " قديما حين قال ، و هو في حالة من حالاته ! : دارت على فتية دان الزمان لهم فما يصيبهم إلا بما شاؤا !
إن البحث عن المرجعية الرمزية للوطنية الجزائرية لا يتم بعيدا عن البحث في الصورة الرمزية للزاوية في المخيال الاجتماعي ، و دور التصوف في تشكيل الوعي الرمزي للجزائريين . إنه المغيب في التأريخ الوضعي الذي يحصر الحركة التاريخية في أسباب و عوامل سياسية اجتماعية و اقتصادية ، دون الاهتمام بالمخيال السياسي و الاجتماعي الذي يؤطر أحلام الناس و آمالهم و طموحاتهم لتحقيق وجودهم الاجتماعي و السياسي و الحضاري .
ردمك : 9789931928157 عدد الصفحات : 679 المقاس و الغلاف : 17*24 ورقي سنة الطبع الأولى : 2018 الورق : أصفر 70 غرام